سورة الأنعام - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)}
{وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} الآية: مقصودها حمل النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر، والتسليم لما أراد الله بعباده من إيمان أو كفر، فإنه صلى الله عليه وسلم كان شديد الحرص على إيمانهم، فقيل له: إن استطعت أن تدخل في الأرض أو تصعد إلى السماء فتأتيهم بآية يؤمنون بسببها، فافعل وأنت لا تقدر على ذلك، فاستسلم لأمر الله، والنفق في الأرض معناه: منفذ تنفذ منه إلى ما تحت الأرض، وحذف جواب إن لفهم المعنى {وَلَوْ شَآءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهدى} حجة لأهل السنة على القدرية {فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجاهلين} أي من الذين يجهلون أن الله لو شاء لجمعهم على الهدى.


{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)}
{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ} المعنى إنما يستجيب لك الذين يسمعون فيفهمون ويعقلون {والموتى يَبْعَثُهُمُ الله} فيه ثلاث تأويلات: أحدهما: أن الموتى عبارة عن الكفار بموت قلوبهم، والبعث يراد به الحشر يوم القيامة، فالمعنى أن الكفار في الدنيا كالموتى في قلة سمعهم وعدم فهمهم، فيبعثهم الله في الآخرة، وحينئذ يسمعون، والآخر أن الموتى عبارة عن الكفار، والبعث عبارة عن هدايتهم للفهم والسمع والثالث: أن الموتى على حقيقته، والبعث على حقيقته فهو إخبار عن بعث الموتى يوم القيامة.


{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)}
{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ} الضمير في قالوا للكفار، ولولا: عرض، والمعنى: أنهم طلبوا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بآية على نبوّته، فإن قيل: فقد أتى به، وكأنه لم يأت بشيء عندهم لعنادهم وجحدهم، والآخر: أنهم إنما طلبوا آية تضطرهم إلى الإيمان من غير نظر ولا تفكر {قُلْ إِنَّ الله قَادِرٌ على أَن يُنَزِّلٍ آيَةً} جواب على قولهم، وقد حكى هذا القول عنهم في مواضع من القرآن وأجيب عليه بأجوبة مختلفة، منها ما يقتضي الردّ عليهم في طلبهم الآيات فإنه قد أتاهم بآيات وتحصيل الحاصل لا ينبغي كقوله: {قَدْ بَيَّنَّا الآيات} [البقرة: 118]، وكقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51]، ومنها ما يقتضي الإعراض عنهم، لأن الخصم إذا تبين عناده سقطت مكالمته، ويحتمل أن يكون من هذا قوله: {قُلْ إِنَّ الله قَادِرٌ على أَن يُنَزِّلٍ آيَةً}، ويحتمل أيضاً أن يكون معناه قادر على أن ينزل آية تضطرهم إلى الإيمان {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} حذف مفعول يعلمون، وهو يحتمل وجهين: أحدهما لا يعلمون أن الله قادر، والآخر لا يعلمون أن الله إنما منع الآيات التي تضطرهم إلى الإيمان لمصالح العباد، فإنهم لو رأوها ولم يؤمنوا لعوقبوا بالعذاب.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10